(هدنة أم حرب
مؤجلة)
*ريبر هبون
تعتبر الضربة
الأمريكية الأخيرة على مواقع فورد ونطنز وأصفهان بمثابة دخول مباشر للحرب إلى
جانب اسرائيل ولا شك أن تلك الضربات
النوعية هو لأجل ثني إيران عن مواصلة رغبتها ونشاطها في حيازة قنبلة نووية.
وإن تمادي إيران في تخصيب اليورانيوم والذي بلغت نسبته أكثر من 50 بالمئة يشكل
تهديداً مباشراَ وواضحاً لإسرائيل والمنطقة ويمثل عقبة حقيقية بوجه مشروع التغيير
في الشرق الأوسط ومما لا شك فيه فإن تركيا هي المتضررة بعد إيران من جراء ذلك
المشروع لهذا نجدها تندد على الدوام بالهجمة الاسرائيلية على إيران، ولا يمكننا
التغاضي عن العزم غير المعلن في تغيير النظام الإيراني من خلال إضعافه وتدمير
قدراته بدء من استهداف بناه التحتية النووية وعليه فإن أمريكا هي شريكة اسرائيل في
تلك الحرب وأتوقع أن تسعى إيران بكل قوة لتهديد اسرائيل ومواصلة الهجوم عليها
لتخرق كل هدنة أو وقف لإطلاق نار تعلنه
أمريكا من جانبها.
حيث يعتبر
الرد الإيراني على الهجمات الأمريكية المركزة على منشأتها النووية بمثابة نقطة
تحول حتى ولو قامت إيران بإعلام الولايات المتحدة الأمريكية بعزمها في تنفيذ الرد
وبشكل مبكر فإن ذلك يعتبر بمثابة رسالة
تحذيرية من قبل إيران مفادها جاهزيتها على تهديد أمن الجوار مثل دولة كقطر
فالرسالة التحذيرية هنا هو المقصد من تلك الضربات الصاروخية الإيرانية على قاعدة
العديد الأمريكية دون وقوع أضرار أو إصابات تذكر، وعن إعلان ترامب لتلك الهدنة
المفترضة فإنها تتسم بهشاشتها ولاسيما أن الهدن في هذه الحالة هي بمثابة وقت
لاسترداد الأنفاس ونقل المعدات لشن أو للاستعداد لهجمات أخرى من كلا الطرفين، حيث
لا يمكن إنهاء التهديد الوجودي على إسرائيل والمنطقة إلا بإسقاط النظام ووضع بديل
مرضي إسرائلياً أمريكياً وأوروبياً وكذلك إقليمياً وللشعوب الإيرانية كافة ، حيث
لا يمكن لطبيعة العقلية التي بني عليها النظام الإيراني الثوروإسلامي بأن تسمح
بتمرير مشروع الشرق الأوسط الجديد على حساب مشروعها الذي تم ضربه من خلال وكلاءها
في الدول المجاورة كلبنان واليمن والعراق وسوريا، أي أنها ونظام أردوغان التركي
يسعيان لعرقلة هذا المشروع حيث يسعى أردوغان هنا للإستفادة من تأثير أوجلان النفسي
على أنصاره ونسبة من الكورد لإبعاد الكورد من الاستفادة من التغييرات التي تقوم
بها اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة مقابل امتيازات ومنافع سلطوية
وإغراءات مرتبطة بها حيث لم تقدم تركيا لغاية اللحظة على أي خطوة من شأنها حل
القضية الكوردية ، ورؤيتي تقول أن إبعاد الكورد أو استغباءهم غير ممكنة في هذه
اللحظة حيث وضعت الولايات المتحدة الأمريكية يدها في يد قوى كوردية فاعلة ووازنة
في المنطقة مهما حاولت الاستخبارات وماكينة الإعلام التركي الترويج لما يسمى
بالبعبع الإمبريالي الامريكي أو الاسرائيلي حيث الجميع منخرط في هذا المشروع
ويساهم فيه بنسبة أقل أو أكبر ذلك يتوقف على المعطيات والمستجدات المتسارعة
والجديدة.
فتركيا دولة
متضاربة المصالح مع اسرائيل وفي الآن ذاته تخشى على إيران من التفكك وتحاول بشتى
الوسائل إبعاد نفسها عن نير المعادلات
الاقليمية الجديدة حيث ستلجأ إسرائيل في المدى غير المنظور لإنشاء تحالف فيما
بينها والخليج وقد يكون هذا التحالف مرة أخرى على حسابها
لقد استطاعت
الضربات الاسرائيلية حتى الآن بإضعاف الحرس الثوري من خلال سلسلة اغتيالات حساسة
وجوهرية وكذلك فإنها تعمل باستمرار على زعزعة الارتباط الشعبي بالنظام الإيراني
الأمر الذي يفتح الطريق أمام بروز حراك داخلي غير مسبوق وهذا ما يمكن عده نوعاً من
الاستنزاف المركز لقدرة النظام في إيران على الصمود بوجه التغيير.
لقد تم توجيع
الإيرانيين بهذه الضربات ولا أتوقع امتثالاً للهدنة بعد 12 يوماً من الصراع الجوي
المتواصل حيث لا تزال تراهن إيران على قدراتها الصاروخية في ضرب البنية التحتية
الاسرائيلية حيث تعتقد أن ذلك سيعمل على تقويض حكومة نتنياهو وتعجيل النقمة
الشعبية على حكمه
إن الهدنة
بمثابة حرب مؤجلة إلى حين وبلا ريب فقد وصلت الأطراف المعنية بالشأن الاقليمي
والدولي إلى نقطة مفادها أن بقاء النظام الإيراني بشكله الحالي تهديد للمنطقة
ولابد من المضي بهذا المشروع إلى نهايته دون تسويف ومماطلة وبكلفة اقتصادية أقل
ومن بوابة المعارضة الإيرانية حيث لم يعد الكورد مجرد أداة تغيير في المنطقة بل
لاعب جديد وموثوق به وموالي للمصالح الغربية والاسرائيلية في المنطقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق