Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

المواد الأخيرة

latest

أبي الدرداء..الصحابي الذي أنشأ الكُرد الأيوبيين ضريحه لتثبيت دعائم حكمهم لمصر ( تقرير خاص)

إعداد: سيد مصطفى-  خاص/ شبكة الجيوستراتيجي للدراسات  / مصر - سعاد ماهر: أبي الدرداء صحابي نزلت آيات بحقه..ولم يدفن بضريح الأسكندرية  - أستاذ...

إعداد: سيد مصطفى- خاص/ شبكة الجيوستراتيجي للدراسات

 / مصر

- سعاد ماهر: أبي الدرداء صحابي نزلت آيات بحقه..ولم يدفن بضريح الأسكندرية 
- أستاذ التاريخ الاسلامي بجامعة القاهرة: استتر الصراع بين الفاطميين والعباسيين خلف المذهب 
- مدير مركز المخطوطات بجامعة الأزهر: الفاطميين سبوا الصحابة والأيوبيين أعادوا هيبتهم عبر "أبي الدرداء" 
- مدير عام البحوث والدراسات الأثرية: بنوا الأضرحة لإظهار المذهب السني وتقويض دعائم الدولة الشيعية 
- أستاذ التاريخ الوسيط بجامعة القاهرة: الأسكندرية دافعت عن صلاح الدين..والأكراد ردوا الجميل لأهلها. 
- خادم أبي الدرداء: الأيوبيين بنوا ضريحه بموضع منزله..ويقام له مولد سنوي
لم يكن مجرد صحابي جليل، بل إحدى أيقونات الزهد في العصر النبوي الشريف، وهو الصحابي الجليل أبي الدرداء قال في حقه المصطفى –ص- أحاديث امتلأت بها كتب الصحاح، و ظلت لقرون سيرته ومسيرته بعروس
البحر المتوسط "الأسكندرية" طي النسيان، حتى أعادت أسرة الأيوبيين ذات الأصول الكردية التي حكمت مصر ذكره وبنت ضريحه بالمدينة، لأسباب سياسية تنهي بها سيطرة الفاطميين الشيعة على مصر وتتتقرب به للسنة وأهلها..
حياة أبي الدرداء
"تمهل في دخول الإسلام لأنه كان يدرس قواعد الدين الجديد" بتلك الكلمات وصفت سعاد ماهر في كتابها مساجد مصر وأولياؤها الصالحون أبي الدرداء، مبينة ان الرجل كان زاهدًا حيث كان يعمل بالتجارة قبل الإسلام فلما جاء الإسلام ترك التجارة وتفرغ إلى العبادة، وبعد وفاة الرسول –ص- عندما طلب يد ابنته يزيد بن معاوية ابن الخليفة رفض وزوجها لرجل فقير.
نزلت في الشخص الذي تهكم على أبي الدرداء آية "وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ"، وقال عنه الرسول –ص- "إن الله وعدني إسلام أبى الدرداء"، مما يشير إلى مكانته،وآخى بينه وبين سلمان الفارسي، كما كان أحد الخمسة من الأنصار الذين جمعوا القرآن كاملاً، حسبما ذكرت ماهر في كتابها.
وشهد أبي الدرداء الغزوات من أحد حتى نهايتها، وولاه عمر بن الخطاب القضاء في المدينة، ثم أرسله ليعلم الناس الفقه في دمشق، وكان مع عمرو بن العاص في فتح مصر، وقضى فترة من حياته في الأسكندرية، ثم انتقل إلى دمشق وهناك شارك في فتح قبرص.
وبينت ماهر، أن أبي الدرداء مات وتوفي في دمشق، ولكن ضريحه بالأسكندرية بناه الأيوبيين عند موضع منزله، ولذلك يعتبره البعض "مقام" وليس "ضريح" لأنه غير مدفون به 
بناء ضريح أبي الدرداء والصراع السني الشيعي
كان ضريح الصحابي أبي الدرداء بعد وفاته بأكثر من قرنين، وفي غير مكان دفنه وإنما في أحد المدن التي استقر بها وهي الإسكندرية، إجراء سياسي بحت للتحول من الدولة الفاطمية التي اعتمدت على المد الشيعي الإسماعيلي مبرر لبقائها لمدة تزيد عن 300 عام، عكس الأكراد الأيوبيين الذين حملوا شعار السنة لقتال الصليبيين كأساس لحكمهم في مصر.
وكشف محمود عرفة محمود، أستاذ التاريخ الإسلامي في كلية الآداب جامعة القاهرة، أن الصراع كان على أشده بين المذهب الشيعي الإسماعيلي الذي أنشأ أئمته الدولة الفاطمية في مصر وأصبحت مركز الإشعاع الشيعي في العالم الإسلامي وبين الدولة العباسية التي كانت مركز للعالم السني، ونجح الفاطميين في بداية وجودهم في مصر في التمدد على حساب العباسيين، حيث أخضع جوهر الصقلي فلسطين ووصل في بعض الأحيان إلى دمشق، وبسطوا نفوذهم على الحرمين الشريفين، وذلك سنة 348هـ\ 968م عندما دعا أميرها على منابرها للخليفة الفاطمي، وظلت تتأرجح سيطرة الفاطميين عليها حتى عصر الخليفة الآمر وأمير مكة هاشم بن فليته، بل وحاولوا بسط نفوذهم في بغداد العاصمة العباسية نفسها، حيث اتصل عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه أمير البويهيين والذين كانوا الحكام الفعليين في بغداد والعراق بالخليفة الفاطمي العزيز بالله، وكانت أخطرها محاولة القائد البويهي أبو الحارث البساسيري بالخطبة للخليفة المستنصر الفاطمي في بغداد نفسها سنة 450هـ\1059.
وأكد عرفة في كتابه "الدولة الفاطمية في مصر"، أنه بدأ نفوذ الفاطميين في الانهيار بعد وصول السلاجقة ودخولهم لبغداد،مما أوقف نفوذهم هناك، ثم ضعف الخلافة الفاطمية نفسها والنزاع بين وزرائها العظام مما أدي لنهايتها.
وبين عرفة، أن الصراع حول تقاسم النفوذ بين الخلافتين على الزعامة استتر خلف شعارات المذهب، والدليل على ذلك أنه أقام الكثير من الأمراء السنة الخطبة للفاطميين مثل بنو الجراح في الشام، وأمراء مكة، بينما الدولة البويهية الشيعية أقامت الخطبة للعباسيين رغم كونهم شيعة، واشتعلت الحرب بين الفاطميين والقرامطة وكلاهما يتبع المذهب الشيعي الاسماعيلي.
موقف الفاطميين من الصحابة
كشف أيمن فؤاد السيد، أستاذ التاريخ الإسلامي ومدير مركز المخطوطات بجامعة الأزهر، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية، ومدير مركز المخطوطات بجامعة الأزهر، أن سب الصحابة كان شائعًا في عصر الفاطميين، ولم يراعي الخلفاء الفاطميين مشاعر أهل السنة في ذلك، رغم كونهم الأغلبية من سكان مصر، في عصر الخليفة الحاكم بأمر الله أمر بكتابة سب الصحابة على جدران المساجد وعلى الجامع العتيق بمصر "جامع عمرو بن العاص" من ظاهره وباطنه، وعلى أبواب الحوانيت والدور والقياسر، ولونه بالأصباغ والذهب وأكره الناس على فعله.
وأكد السيد في كتابه الدولة الفاطمية في مصر، أن عداء الفاطميين لبعض الصحابة لم يتوقف عند السب فقط، بل كانت مرجعُا للكثير من قرارات الحاكم فعلل تحريم الجرجير لنسبته للسيدة عائشة، والملوخية لميل معاوية بن أبي سفيان إليها. 
الدولة الأيوبية..فرسان المذهب السني
بينما تغيرت القوى والموازين بوصول الأيوبيين، حيث كشفت ليلى عبد الجواد إسماعيل، أستاذ تاريخ العصور الوسطى في كلية الآداب جامعة القاهرة،أن الأيوبيين أتفقت غالبية المصادر أنهم من الأكراد وينتسبون للقبيلة الهذبانية، التي كانت تعيش في أعالي الموصل ودخلوا في خدمة عماد الدين زنكي صاحب الموصل، وهي الدولة الأتابكية وهي دولة تابعة للسلاجقة، وبعد وفاة زنكي انقسمت دولته بين ولديه غازي ونور الدين محمود، ظهر صلاح الدين الأيوبي في الحملة الثانية لأسد الدين شيركوه قائد جيوش نور الدين محمود الذي أرسله إلى مصر، وذلك على إثر صراع كلا من القائدين العسكريين شاور وضرغام على مقعد الوزارة في مصر واستعان كل طرف منهم بالصليبيين ونور الدين محمود وفي الحملة الثالثة عين العاضد أسد الدين شيركوه في منصب الوزارة كأول كردي يتولى الوزارة في مصر وما لبث أن توفي بعد شهرين ليتولى بعده صلاح الدين الأيوبي الوزارة الفاطمية والذي أحيا المذهب السني في مصر وقضى على المذهب الشيعي والغي ضرائب الفاطميين ونجح صلاح الدين في توحيد مملكة نور الدين محمود بعد وفاة نور الدين تحت لوائه وبذلك تنشأ الدولة الأيوبية.
وأكدت إسماعيل في كتابها "الأيوبيين والمماليك"، أن صلاح الدين اتخذ قرارات حاسمة من أجل إلغاء المذهب الشيعي الإسماعيلي بمصر، في أواخر عام 565هـ\1170 م، من أجل تقويض دعائم الدولة الفاطمية وتقوية المذهب السني المذهب الجديد للدولة، مثل أبطال الأذان الشيعي "حي على خير العمل"، وذكر الخلفاء الراشدون في الخطبة، وأبطل مجالس الدعوة الشيعية من القصر وجامع الأزهر، وعزل القضاة الإسماعيليين، وذلك حتى أوقف الخطبة للفاطميين وأمر الخطباء بالدعاء للخليفة المستضئ بالله العباسي، في بداية عام 567\1171م، ومن هنا بدأت الدولة الأيوبية.
تحول في السياسة بغلاف ديني
بينما كشف الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر، ومدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء، سر بناء ضريح أبي الدرداء، لأن الأيوبيين جاءوا بعد المذهب الشيعي الذي كان سائدًا في مصر، وهم أول من بدأ المذهب السني في مصر، بعد القضاء على الدولة الفاطمية، أرادوا التقرب من آل البيت، خاصة وأن بعض مذاهب الشيعة تسببت في إهانة بعض رموز آل البيت والصحابة، فأراد الأيوبيين أن يظهروا حبهم لكل أل البيت والصحابة دون تمييز، وأرادوا أن يثبتوا أنهم ينتمون للمذهب السني وأنهم يحترمون الصحابة الذين تطاول عليهم الفاطميين..
وأكد ريحان في تصريحات خاصة لـ"الجيوإستراتيجي"، أنهم اتخذوا سبيلهم إلى ذلك عبر الإهتمام بقبور. الأولياء في مصر سواء كانت قبور أولياء أو قبور الملوك انفسهم، وظهرت القباب الضريحية، ومنها قبور ملوك الأيوبيين.
وبين ريحان، أن ضريح أبي الدرداء في الإسكندرية يعتبر استكمالاً لنهج الفاطميين في إنشاء الأضرحة، ومنها مشهد الحسين والسيدة زينب والسيدة رقية والسيدة عاتكة والسيدة عائشة، والتي استمرت في عصر ملوك الأيوبيين رغم تبدل المذهب من الشيعي إلى السني، ولكن اتجهت لبناء أضرحة علماء وأئمة المذهب السني ومنها الضريح الشهير للإمام الشافعي، والإمام الليث ومنها ضريح أبي الدرداء.
وأردف ريحان، أن ضريح أبي الدرداء هو أحد مشاهد الرؤيا أي بني بناء على رؤيا اخذ الصالحين، ولكنه لم يدفن بعد أبي الدرداء، وهو ثابت تاريخيًا أنه دفن في دمشق، وهي مشاهد ايضًا بدأت في الفترة الفاطمية واستمرت حتى العصر الحديث فهناك مقام النبي هارون في طور سيناء ولم يدفن فيه النبي هارون، وإنما هو مشهد رؤية
الإسكندرية لماذا؟
يعد السؤال الأكثر إلحاحًا هو لماذا اهتم السلاطين الأيوبيين بالصحابي أبي الدرداء رغم أنه لم يدفن في مصر، رغم وجود العديد من الصحابة الذين دفنوا في مصر، ووجود عواصم مثل الفسطاط أنشأها عمرو بن العاص ومن معه من الصحابة، ولماذا إنشاء ضريح صحابي في مدينة طرفية مثل الإسكندرية.
وبين السيد في كتابه، أن الإسكندرية لم تكن مجرد مدينة مصرية، بل كانت معقل أهل السنة في مصر، وأبرز المدن المناوئة للحكم الفاطمي، وكانت ملجأ كل الخارجين عن الدولة الفاطمبة، ولذلك كان الوزراء السنة الذين تولوا الوزارة في أواخر العصر الفاطمي ينشئون بها المدارس السنية.
وأردف أن الإسكندرية كانت كل سكانها من السنة، ولذلك توالت بها المؤسسات السنية رغم الحكم الفاطمي الشيعي في البلاد، مثل ما قام به الوزير السني الأول للفاطميين رضوان بن ولخشي، عندما أسس في سنة 532هـ\1138م أول مدرسة سنية لتدريس المذهب المالكي، ودرس بها الفقيه المالكي أبو الطاهر بن عوف ، والتي سميت بالمدرسة الحافظية نسبة للخليفة الحافظ، وتلاه الوزير العادل السلار بـ14 عام لينشئ مدرسة لتدريس المذهب الشافعي، ودرس بها الحافظ أبا الطاهر السلفي
وكانت للأسكندرية مكانة خاصة عند صلاح الدين وخلفاؤه، فتذكر إسماعيل في كتابها، تلك العلاقة التي بدأت من حملة أسد الدين شيركوه الثانية حين فتح أهالي المدينة أبوابها لجيش شيركوه والذي كان صلاح الدين يرافقه، كرهًا في الفاطميين ومذهبهم الشيعي، ونكاية في الوزير الفاطمي شاور الذي تحالف مع الصليبيين، وترك شيركوه صلاح الدين لحكم الإسكندرية كنائب عنه، وعندما حاصر الصليبيون وشاور المدينة طلب من أهلها تسليم صلاح الدين مقابل رفع الضرائب عنها فرفض أهل الإسكندرية العرض بل وقاتلوا بجوار صلاح الدين، ومنذ ذلك الحين والإسكندرية في قلبه وعقله.
وأبرز الأدلة على مكانة المدينة عند صلاح الدين أنه بعد سقوط الخلافة الفاطمية زارها مرتين، وأمر بتكسير أعمدة رومانية أمام ساحلها لكي تعوق أي أسطول يحاول حصارها، ولذلك جاء الإهتمام الأيوبي بعلماء المدينة والصحابة الذين زاروها كرد جميل لها.
المكانة الحالية للضريح 
تشاهد الضريح والأضواء محيطة به من كل جانب، تتلألأ كالنجوم، حيث يحيط به ألعاب الأطفال، ثم تتجه لواجه الضريح ناصعة البياض، وتتدرج داخله حيث تقع الرهبة في قلبك حين ترى الفرش الخضراء المحيطة بالضريح من الداخل، حيث سكن هنا أحد صحابة الرسول 
"صاحب الرسول" بتلك الكلمات وصفه أحمد سالم خادم ضريح أبي الدرداء في الأسكندرية، أنه قدم إلى مصر مع عمرو بن العاص، ويقال أن منزله الذي أقام فيه كان في موضع المسجد الحالي وبين جامع "العمري" القريب منه، ولذلك بني ضريحه في هذا الموضع.
وبين سالم لـ"الجيوستراتيجي" ، أنه يقام له مولد سنوي في يوم السادس من رمضان، حيث يتلى فيها القرآن والذكر، والتي تبدأ بموكب ضخم يبدأ من محطة القطار في سيدي جابر بالإسكندرية وحتى مقامه الكائن بشارع أبي الدرداء.

ليست هناك تعليقات