مجلة الفكر الحر مجلة الفكر الحر
الفكر الحر وإبداء الرأي دون رقابة هما جوهر الحرية الإنسانية وأساس التقدم الحضاري. فالفكر الحر يحرر العقل من قيود التلقين، ويفتح أفق الإبداع والابتكار، بينما يتيح التعبير عن الرأي دون رقابة حوارًا صحيًا يعزز التفاهم ويثري المجتمعات. عندما تُحترم حرية الفكر والكلمة، تنمو بيئة تقدر التنوع، تحترم الاختلاف، وتواجه التحديات بحلول خلاقة. إنها دعوة للجرأة في التفكير والمسؤولية في التعبير، حيث يتلاقى الحق في الحرية مع الواجب في بناء مجتمع متوازن ومستنير............... هيئة تحرير " مجلة الفكر الحر "
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

حوار من الأعماق مع حسن خالد

(حوار من الأعماق مع حسن خالد)

ريبر هبون

أديب وباحث اجتماعي كردستاني ,هو مثل حال الكثير ممن عانى وطأة الحرب السورية , مقيم كلاجئ كردستاني سوري في جنوب كردستان (العراق)*عضوٌ في* تجمع المعرفيين الأحرار،يكتب في عدد من المواقع والصحف الالكترونية كموقع الحوار المتمدن , صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , وصحيفة الفكر

-وبتاريخ 20-7- 2015.أجريت معه الحوار التالي:

الباحث الاجتماعي المعرفي / حسن خالد / نرحب بك في حوارنا هذا لنسلط الضوء عبره على بضع تساؤلات ونقاط نود مناقشتها وسؤالي الآن هوما رؤيتك للمجتمع في ظل الحرب , إن قلنا احتمالاً أن المجتمع وليدالظواهر الطبيعية وابن التصدعات التاريخية المندرجة حسب أطوار محددة مرت بها وفق سياق المحيط الجغرافي(المجتمع السوري أنموذجاً)؟

الإنسان ابن بيئته من حيث المبدأ ، وجملة من الأمور تتداخل فيما بينها ، عبر علاقات البشر ، لتكوّن ما نسميه " مجتمعاً" يتميز بعلاقات وأنساق وتنظيمات ( أحزاب ومؤسسات - تنظيمات المجتمع المدني - التنظيم الرسمي " الحكومة " تنظم العلاقة بين أفراده ، هذا في الظروف الطبيعية ، لها مهام ووظائف الغاية والغرض منها تيسير العلاقات تلك ، لما فيه خدمة " المواطن - الفرد " ، هذه في الظروف العادية " الطبيعية " لكن في ظل ظروف غير عادية " الحرب " مثلاً ، فإن وظيفة تلك الجهات التي ذكرت آنفاً ، تختلف - وبالضرورة - نتيجة دخول عناصر وعوامل طارئة في بنية وتركيبة المجتمع بتفاصيله ودقائق أمور حياته ، ففي ظل الحرب يتوقف ( كل ما هو طبيعي ) أو يتأثر ، الاقتصاد - الحركة الثقافية - الجانب الاجتماعي - العلاقات السياسية في العمق الداخلي والتشعب الإقليمي والدولي من هنا كان بروز شعار ( لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ) الذي تم استعماله واحتكاره كأداة هيمنة سلطوية وبطريقة " مشرعنة " وكلما طال أمد الحرب والصراع بين الأطراف المتقاتلة ، كلما فقدت الدولة والسلطة أدوارها وهيبتها ، كلما فرضت الضرورة تأقلماً من " المجتمع " مع هذه الأجواء ، وكأن حتمية التوازن تعود رويداً رويداً ، فالحياة لا يمكن أن تتوقف وتحت أي ظرف ، لذا تظهر علاقات جديدة ناظمة للحياة تتلائم وطبيعة الظروف الراهنة ، فالزواج بعاداته وطقوسه يمضي كمؤسسة لكن مع مراعاة " ظروف الحرب واقتصاده ، فللحرب اقتصاده وللحرب مجتمعه وللحرب عاداته ، التغيير يطال كل شيئ ومن هنا كانت المجتمعات نتيجة ظروف تاريخية وتصدعات ناجمة عن تصادم بين الرغبات والضرورات ، والتجربة السورية(القاسية جداً)ستغير الكثير من المفاهيم في ( مجتمعات الحرب ) فالعقد الاجتماعي بين الأطراف السورية ، بان بأنه كان زائفاً ومفروضاً بالقوة - بممارسة الفعل الخارجي - ( سايكس - بيكو ) عززتها تالياً سلطة لا يمكن أن نصفها بالوطنية السورية الجامعة ، المخيف في الأمر أن " الحامل الاجتماعي " للنقيض السلطوي أشد تسلطية من سدنة الحكم والسلطة والمجتمع - تالياً - فلم يستطع أن يقدم نفسه بديلاً أكثر " وطنية " فالنفَس الطائفي المقيت " فاحت رائحته " وطفى موضوع الأقليات بعد أن تم وأده تكراراً ومراراً ،حتى أن محاولات أسلمة المجتمع واضحة / محاولة تطبيق الشريعة / أي في المجمل ، مجتمع الحرب يبرر وضع كل شيئ في خدمة الحرب ، حتى المتطلبات المعنوية منها فما بالك بالمادية ، وكأن الصراع ينتقل بين إرادتين ( إرادة الحياة ) و( إرادة الموت ) ولكل منها فلسفتها ومنطقها . وحتى الأدب والفن يعكسان هذا الوضع وهذه الظروف ، أي يمكن مجازاً أن نطلق عليهما " أدب الحرب " و " فن الحرب " .... كل هذا النشاط بمثابة المرآة في " مجتمعات الحرب أو مجتمع الحرب " حتى العادات الاجتماعية التي كنا نظنها " ستاتيكية " راكدة ، يطالها التغيير بوضوح وبوتيرة متسارعة ..!

- الإعلام , هل وضع للخدمة الاجتماعية أساساً , أم إنه وسيلة حربية مهيمنة وبقوة في حاضرنا, ما البدائل المحتملة التي من خلالها يمكن نزع فتيل الأحزمة الناسفة عن الآلة الإعلامية لتبقى وسيلة ليقظة الجماهير لا إيهامها وجرها للعنف تدريجياً ؟

الإعلام وسيلة وأداة ، وبالتالي يمكن استخدامها في مجمل النواحي وخاصة نحن نعيش عصر الثورات في التقانة ووسائل التواصل ، وتقسيم العمل فرض جملة من الأمور في مجمل الجوانب الحياتية ، يمكن استثمارها / سلباً وإيجاباً / بحسب الجهة والغرض والجانب الذي يُستخدم فيه ، كما أن نوعية الأداة الإعلامية تلعب دوراً في مدى التأثير والفعّالية على المتلقي ( الجمهور ) فتأثير التلفزيون في عصر البث المباشر للحدث " صوت وصورة " يختلف عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي " فيسبوك - تويتر - يوتيوب " خاصة بأن الأخيرة باتت واسعة الانتشار وسهلة الاستعمال لمن يجيد أدنى متطلبات " القراءة والكتابة " ولا ننسى هنا التأثير المباشر لفعالية الصورة والرسائل الصوتية في التأثير على الجمهور" المتلقي " الذي يتعامل بهذه الأدوات والوسائل ومعها في علاقة التأثير والتأثُر ، وهنا بالتحديد نلاحظ وبشكلٍ واضح كيف أن الجماعات " المتطرفة " تستغل ( نتاج التقدم والحضارة المادية ) في حروبها وصراعاتها ، في عالم يؤمن بجدلية" في الحب والحرب كل شيئ مباح"وبما أن ( الإعلام) وسيلة وأداة ، فالجهة التي تديرها أو تملكها ، هي التي تحاول أن تستغلها للتأثير في الجهة التي تريد ، وبالتالي تبث سمومها وبالطريقة التي تراها مناسبة ، وتشرعنها ، فلا يمكن أن تكون موضوعية البتة في توجهها الغائي ، لكن يكمن أن نقول بانه الأقرب إلى الموضوعية ( في حالات نادرة وقليلة ) ، فنفس الخبر " مثلاً الصراع اليمني - الملف الكردي في سوريا " عندما تتناولها قناة ( الأورينت ) تختلف في تقديمها وصياغتها عن قناة العربية ، والأخيرتين تختلفان عن قناة ( العالم ) أيّ أن الجهة التي تدير الأداة الإعلامية ، تحاول أن تُسوق الأخبار والأحداث بطريقة ( التأثير على نفسية المتلقي ) ومحاولة تغير توجهاته وقناعاته وحتى منظومته الفكرية ، والإنسان بطبعه ميال لنسقه الايديولوجي والفكري ، تالياً تكون الرسائل التي يسوقها الإعلام موجهة لفئة محددة " حاضنة " وكما أسلفنا هي في " مجتمع الحرب " تتحول أداة حرب فاعلة لا تقل في أهميتها وتأثيرها عن أي سلاح يستخدمه " المقاتل " بغض النظر عن الصفة القانونية والشرعية له . وفي الظروف غير الاعتيادية تظهر الأمور غير الاعتيادية / أسباب ونتائج / ونسقط ذلك على الإعلام اللااعتيادي هو حقاً " إعلام الأزمة " " الحرب "،ووحدها " السلطة الوطنية " و " دولة المواطنة " تكون الأقدر على زرع روح المسؤولية في نفوس مريديها ومواطنيها عندما تتحول لدولة " العدالة الاجتماعية " و " دولة المؤسسات " يكون فيه " المعرفي المهني والمتخصص " أداة التغيير وموجه دفته .وللسلطة فلسفتها الإعلامية وتوجهها قد تعكس مصالحها " الضيقة " فقط ، لا تراعي حاجات ورغبات المجتمع ، فينبعث من " الإعلام الموّجه " رائحة السلطة وحاشيتها ، الذي يجر لاحقاً ويلات وفواجع فلا " رأي عام " ولا " سلطة رابعة " هذا إن علمنا بان الإعلام في بعض وظائفه " معارضة شرعية " إن مارسته " النخبة المهنية " بموضوعية أكثر ...- هنا يجدر السؤال : " في الدولة القومية كيف يمكن للمعرفي " المثقف " أن يلعب دوره حيث " الروح الحزبية والمذهبية والعنصرية سائدة ، وما هو الإعلام الذي يتوجب عليه أن يطلب معونتها ، تكمن الإجابة في مد ى تعريفنا للأداة الإعلامية ودورها في عملية التغيير التي تطال مجمل تفاصيل حياة المجتمع

-هل ما يمر على الشرق الأوسط والعالم العربي من مخاضات وصدمات, نابعة عن إشكالية الشخصية الشرق أوسطية, أم وليدة تخبطات المركزية الشمولية لتلك الأنظمة المتفسخة ؟

لست ميالاً بوجود شخصية / غربية وشخصية شرق أوسطية / لكن جملة من العوامل هي التي أوجدت هذه " الشخصية " تالياً الظروف السائدة تولّد هذه النماذج من الشخصية ، فالشخصية الشرق أوسطية ( إن جاز لنا استخدام هذا المصطلح ) هي الأقدر على التكيف إن ذهبت إلى الغرب فتتحول وبسرعة " جنونية " إلى شخصية غربية بحسب المطروح ، ما في الأمر أو هكذا يُفهم أن جملة أحداث وتطورات وممارسات " تربوية بالدرجة الأولى - وتدخل فيها فيما بعد التنشئة السياسية " تفرز هذه الشخصية التي تتميز بجملة " ممارسات " على مستوى الفرد والجماعة ، ناتجة بالأصل عن طبيعة العلاقة التي تربط بين مؤسسات المجتمع الموجودة في " دولة الاستبداد الشرقي " بحسب مفهوم ( كارل ماركس ) حيث " تأليه القائد- الزعيم - وسيطرة النمط الزراعي الإقطاعي - طبقية المجتمع - أسياد وعبيد " وجملة أمور أخرى، وبالتالي فالممارسات السلطوية " ومركزية الحكم " أثبتت فشلها في عديد تجاربها ، وينبغي تأهيل فئات المجتمع " نفسياً " وعبر الأقنية الإعلامية المهنية وورشات العمل ، إعادة تأهيل منظومته الفكرية في جملة من القضايا التي تهمه مع من يتعايش معهم " المختلف والمغاير عنه " فالتعايش الاختياري بات ضرورة عصرية وحضارية ، وموضوع الأقلية والأكثرية لا بد من تجاوزه في " السير " نحو الأمة الديمقراطية " صحيح ٌ أن الرأي السائد ينبغي أن يصبغ ويطغى ، لكن لا يجب وتحت أي " حسابات " إهمال الفئات " المهمشة " وهنا أقصد الأقليات بتعدد مشاربها - الديني - القومي - الثقافي .... ففي بعض الولايات الألمانية تنقل صلاة العيد للمسلمين في الأقنية التلفزيونية الرسمية مع أن نسبة المسلمين في المجتمع لا يتجاوز (5 % ) حتى أن تظاهرات لمؤيدي " الجماعات الراديكالية " تجري في الساحات ، دون أن يتعرضوا للملاحقة والمضايقات ، طالما أنهم لا يخترقون المعايير الأدنى للقوانين النافذة ، فحرية الفكر والاعتقاد مصانة،ولا بد من طرح التساؤل التالي أيهما ينبغي تغيره ، نوع الحكم أم نمط الشخصية ، تكمن الإجابة في إيمان الإنسان بقناعاته بالدرجة الأهم ،ثم لا ينبغي أن ننسى بأن العلاقة طردية " تَعقّد " العلاقة تلك ما بين الشخصية و نوعية السلطة من حيث " الأنظمة المنغلقة - أي الشمولية " وبين الشخصية والأنظمة المنفتحة أي الأكثر ديمقراطية " كوني أضع تحفظي على مفهوم " الأنظمة الديمقراطية " فكل شيئ قابع تحت سقف النسبية ، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بأنماط الحكم والسلطة

-إلاما تعزو ظاهرة العنف وفق سياقه ( النفسي - الاجتماعي ) هل يعود لترويج السلطة الاحتكارية لها ، أم إنها حالة اجتماعية جاءت كتتويج لمراحل التشويه وطمس " البعد الحضاري للشعوب ...؟

السؤال يحمل في طياته إزدواجية في الطرح ، ولابد من مراعاة ذلك في إبداء الإجابة ، فالعنف بـ " أشكاله " المتعددة انعكاس لغريزية الانسان كـ ( كائن عضوي ) إلى الحد الذي ذهب إليه هوبز " الانكليزي " بـ ( ذئبية الإنسان لأخيه الإنسان ) ( الغريزة ) عكس جان بول سارتر " الفرنسي " الذي يقول بأن الانسان بطبعه خيّر، لكن عوامل أخرى تتدخل فيميل إلى ممارسة العنف ( التنشئة ) في فترة ( نظريات التعاقد الاجتماعي ) وبين وجهتي النظر تلك تدور الدراسات ما بين مناصر لهذا الرأي أو ذاك ، حتى أن هناك من حاول إيجاد صيغة توافقية بين " النظرتين " ونمو ظاهرة العنف " إنه يتأتى من عوامل اجتماعية أيضاَ, فالفقر والحرمان والتهميش - إن على مستوى الأفراد أو الجماعات والدول - كل تلك الجوانب هي بيئات ولاّدة لممارسة العنف ، بل وتكريسه - عبر آلية التربية " وربما تدخل المناهج الدراسية أيضاً " التي تنقل ميراث الإنسان من جيل إلى جيل في عملية " دورية لا تتوقف " ...،فالفقر يولّد الإرهاب ، والإستبداد يولّد الإرهاب ، والدولة الفئوية تولّد الإرهاب ، لنتمعّن في كل الذي سبق ، سنجد بأن النخبة الحاكمة / السياسية - الثقافية - الاقتصادية / كلها بيئة حاضنة ومحرضّة للنزوح نحو ممارسة المزيد من العنف ، فتتشابك المسببات ما بين ( التربوي والسلطوي ) أيّ ما بين الميول النفسية الشخصية والتوجه العام المجتمعي ، تُكرسها طبيعة السلطة الحاكمة ،وعبر أدوات ترتأيها هي ، لتخدم توجهها العام نحو مجمل القضايا في ممارستها للفعل السلطوي ،هنا لا يجب أن نتغافل عن السياقات التاريخية والنكسات الحضارية التي تمر بها المجتمعات في صيرورتها التاريخية ، كون ممارسة فعلٍ ما عملية تراكمية وليست وليدة لحظتها ، فلا يمكن أن نعزو العنف إلا ضمن سياقاته التاريخية التراكمية كون الشخصية هي نتاج تركمات تربوية ثقافية ، تعززها المناهج الموجّهة ، ولا ننسى هنا القول بأنه كلما تعدد المقدّس في المجتمع - كلما إزدادت مشاكله ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن نلفق صفة " العنف " بصفة اختيارية أو بحيز جغرافي محدد ، إنما يتولّد العنف بوجود مسببات وينتفي بزوال تلك المسببات في عملية لا يمكن أن نقول عنها بأنها " يسيرة " بل قد تتجاوز أجيالاً وقروناً ، فالزمن عامل هام في عملية التغيير التي تطال مجمل النواحي في حياة المجتمعات ...؟

-ظهرت داعش في الآونة الأخيرة كتنظيم سلفي متطرف, دخل الميادين كافة والتي جاءت كإفراز عن صراع القوى الناهضة ضد القوى القائمة ناهيك عن مبررات هذا الصراع ونواياه البعيدة والمباشرة, وما بينهما فئات عديدة من المشردين والمهاجرين نحو الشمال الغني, إلاما تعزو هذه النتائج , هل هي دلائل إفلاس الرأسمالية وعجزها, أم إنها بداية النهاية للصمت المكرّس لعهود من استبداد ورضوخ, ونكوص عن تغيير الواقع الذي تأخر تغييره ...؟

" ظاهرة داعش " ليست جديدة في سياقها التاريخي والجغرافي ( الزمكانية ) " الزمان - المكان " ولا يمكن أن أعتبرها توجهاً دينياً خالصاً ، وإن ظهرت عليه الصبغة الدينية ، يمكن أن يقال بأنها تحالف " خبيث " بين قذارة عنصرية " فئوية " وبين " المقدّس الديني" وتلاقٍ في رؤاها ومصالحها ، هي تظهر وتخبو بين الفينة والأخرى ، والتسمية ليست مهمة وذات جدوى ( بقناعتي ) لذا يمكن القول بأن داعش موجودة بوجود علاقة تسلطية بين الحاكم والمحكوم ، بين الظالم والمظلوم ، بين السيّد والعبد ، وهي / ظاهرة داعش / كمفهوم حديث ، من نتائج تلك الهبة الشعبية لمجتمعات ما يسمى " الربيع العربي " تعززها تضارب المصالح بين ( القوى الكبرى المتناطحة )، لتلجأ إلى مثل هذه الظواهر وتستخدمها كأداة ضغط ، وتوجيه ما أمكن من " المتطرفين " إلى بقعة جغرافية يمكن لهم فيها التخلص منهم متى ما أرادوا ذلك ، وبحسب ميلان كفة ميزان مصالحها ، والحاضنة الشعبية مغلوبٌ على أمرها في نهاية المطاف ، فالنخبة / الدينية والسياسية / تتحالف في تشابك معقّد ، حتى أن هذه الظاهرة تتجاوز العمق الوطني لتصل للعالمية ، هي ثقافة عابرة للحدود والقارات ، وعندما نعرف بأن نسبة الفقراء في ازدياد وتعلو نسبة من يعيشون في فقرٍ مدّقع لتصل لنسب - أقل ما يقال بأنها مرعبة ومخيفة - هذه الأوضاع مزرية تساعد النخبة الآنفة الذكر في الصيد والتصيد مستغلة النقمة التي تتزايد لدى " المهمشين " الناقمين - المجرمين - لينضموا إلى أيّ حركة توفر لهم رغباتهم وحاجاتهم وإن توهماً ، ولايمكن أن يجدوا ضالتهم إلا في تنظيمات وحركات لها توجهات عقائدية ايديولوجية وحاضنة شعبية ، وحتى الذين يهاجرون من " الغرب الغني " لينضموا لتلك التنظيمات المتطرفة ، إنما يعانون من مشاكل الاندماج مع مجتمعاتهم الجديدة ، كما أن نمط الحياة الغربية تخلق نوعاً من الملل والرتابة ونقصاً في الجانب المعنوي " الروحي " في الحضارة المادية الطاغية ، فمن المعلوم أن فئة الشباب هي الأكثر ميلاً نحو " الصراعات والمغامرات " فينبهرون بتصرفات تنبعث منها الإثارة والعنف كـ " قطع الرؤوس - الحرق - الغرق " وأساليب يتفنون فيها عبر آلة إعلامية متنوعة ( يوتيوب - تويتر ...)





-يقول المفكر المعرفي الكوردستاني عبد الله أوجلان في كتابه ( المدنية الرأسمالية ) :"من غير الممكن صياغة سوسيولوجيا قيمة , ولا تطوير كفاح اجتماعي ناجح بمصطلحات العلم تلك،وأشدِّد على أنه عندما نذكر هذه الأمور فنحن لا ننكر الكدح, القيمة , الربح , والطبقة , بل نسعى لإيضاح عدم صواب نمط استخدام هذه المصطلحات في إنشاء العلم , إني أود توضيح أن علم الاجتماع قد أنشئ على منوال غلط"ما مدى أحقّية هذه المقولة من وجهة نظرك ...؟

عند تناولنا لشخصية ( أوجلان ) وفكره ، ينبغي أن نفرّق بين ( أوجلان السياسي ) و بين ( أوجلان المفكّر ) إفتراضاً ، فالفصل العملي يستحيل أن ينجح في الواقع العملي ، بعيداً عن الاختلافات والإصطفافات الأيديولوجية والحزبوية الضيقة ( نحو شخصيته ) ، فالرجل حتى قبل أن " يُعتقِل " كان منظراً - للاشتراكية المشيدة - وناقداً لاذعاً لها - هنا أقصد التجربة السوفيتية وفترة البروسترويكا - خلال حكم غرباتشوف والتي أدت في النهاية إلى تفكيك الاتحاد السوفيتي إلى دول متعددة ، لكنه برز كمفكّر بشكل أوضح بعد أن زُج في المعتقل في جزيرة إيمرالي في بحر مرمرة وحُكم عليه بالإعدام وخفف إلى المؤبد ، ثم تم الترويج لعملية الحل والسلام في تركيا ، السارية إلى الآن ( وهذا ليس موضوعنا هنا )ففي كتابه ( من دولة الرهبان السومرية نحو الحضارة الديمقراطية ) يُقدّم عصارة فكره ورؤيته لمجمل القضايا المحلية " الكردستانية " والبينية مع الشعب التركي والإقليمية مع " دول الجوار وشعوبها " والعالمية ،حيث يقول : (( إن الخطر الأكبر الذي يهدد الديمقراطيات والإدارات شبه المستقلة في عصر الحداثة الرأسمالية يأتي من السلطات الدولتية القومية قاضية بذلك كلياً على حق المجتمع في الإدارة الذاتية وهي تدحض وتفنّد الديمقراطية )) بحيث يولي للعلوم الاجتماعية أهمية بالغة في حل المشاكل التي تعاني منها الشعوب وخاصة " الشرق أوسطية " حتى أن مفهوم " الأمة الديمقراطية " هي من مفرزات تجربته الفكرية ، ولا يركّز على " المفهوم الطبقي " كما يفعل ماركس ، لكنه يولي لموضوع المرأة والبيئة وإدارة المجتمعات لأمورها أهمية بالغة ، ولا يعير كبير الإهتمام لمفهوم الدولة القومية كونها - وبالضرورة - ستمارس الظلم على ما عداها من القوميات الأخرى في دولة الأكثرية والأقلية ، فالعلوم إن لم تكن وليدة الحاجة وتقدم الحلول لمشاكل المجتمعات فما الفائدة من ظهورها وتأسيسها ، وحتى علم الاجتماع ( السوسيولوجيا ) فشل " إلى الآن في تقديم الحلول للمشاكل التي تعاني منها المجتمعات ، فإبن خلدون " الأب الروحي لعلم العمران البشري " حاول تنظيم هذه السوسيولوجيا ، في كتابه " المقدمة " وقدّم جملة أمور اعتبرها مساندة للمجتمع في تنظيم حياته دون أن يدرك بأنه أسس أو سوف يؤسس لاحقاً لعلم ، ربما يستطيع أن يقدم حلولاً لما تجابهها المجتمعات ، وجاء أوغست كونت " الفرنسي " في فترة النهضة ليعلن بأنه أسس السوسيولوجيا كعلم يختص بالظاهرة الاجتماعية ، تالياً لا بد من إعادة النظر في الظروف التي أدت لظهوره وترتيب الضرورات والأولويات ، فالسوسيولوجيا في مجتمعاتنا " الشرق أوسطية " تختلف في الأهداف وطريقة تقديم الحلول ، كون مراعاة الخصوصية الاجتماعية - ضرورة في إنجاح مهامه المنوطة به ، لكن ظروف تاريخية تختلف من عصر( إبن خلدون - أوغست كونت - عبد الله أوجلان ) وكلٌ ينظر للعلم من منظارٍ يراه ذات أهمية فالنظرة الدينية والتاريخية والسياسية للأمور تبقى مختلفة مهما حاول مروجوها أن يقنعونا بأهميتها والحركات الماركسية " عموماً " هي الأقدر على مخاطبة العاطفة واستغلالها وإرسال العقل إلى رحلة " تنويم " فدغدغة المشاعر والعاطفة جديرة بأن يتمكن الفرد في التأثير على المجموع ، فقد كان " لينين " خطيباً بارعاً في هذا الشأن ، ولا يمكن أن نستثني ( عبد الله أوجلان المفكر ) في استقطاب شرائح واسعة من المجتمع " الكردي " وفي العمق (الكردستاني) أيضاً

-تُطرح في الآونة الأخيرة مواضيع إشكالية في / تجمع المعرفيين الأحرار / كالترويج لحملة ضد الإنجاب أو ( الزواج المثلي ) هل وراء هذا الترويج ميل نفسي نحو مقولة خالف تعرف , أم أن الأمر لا يتعدى كونه ترويج لأفكار وجودية ؟



تُطرح في التجمع بعض المواضيع التي يمكن أن يقال عنها " إشكالية " لكن في المقابل يبقى التجمع أرضية خصبة ومناسبة لتلاقح تلك الأفكار " المتناقضة " وقبول " الآخر المختلف " وهو( كما أعتقد ) من ضمن أهدافه وغاياته / التجمع / فلا ضير من طرح هذه المواضيع مهما كانت " شاذة " ( أستخدم هنا كلمة الشاذ لأنها تعني الخروج عن المألوف ) على أن تراعي جملة معايير منها - قبول المختلف وتقديم بدائل وحلول بدل إطلاق أحكام وكأنها الحقيقة الوحيدة والمطلقة ، فلا القناعات ولا الآراء " مقدّسة أو محرّمة " وكل فكرة قابلة للنقد ، كـ (موضوع محاربة الانجاب ) على سبيل المثال لا الحصر، فيمكن أن نقدم حلولاً لها كـ ( تنظيم الانجاب ) بدل محاربته أو تشجيعه ،وبالتالي فعلى الطرف الآخر أن يتقبل هذا الإختلاف طالما بقيّت هذه المناوشات " فكرية " فالصراع الفكري وإن تصادم فلا ضير ولا خوف منه إن أنتجت تلاقحاً فكرياً ، وبطبيعة الحال الإنسان في تصرفاته وسلوكه غائي ( يهدف لتحقيق غاية ) وانتقائي ( ينتقي ما يلائم وحقيقته التي يريدها ، لا الحقيقة التي هي موجودة ، فتظهر إشكالية ( ما هو كائن وما ينبغي أن يكون ) وبالتالي فإن ما يصدر عن الإنسان ( كائناً ما كان ) يعكس حال الصراع بين " أناه " و " أناه الاجتماعية " بين قناعاته وميوله والتوجه العام " أيّ الذائقة الشعبية " والمتوازن في شخصيته يستطيع - وهو الأقدر على الملائمة - بين متطلبات الذات ووقائع مفروضة عليه ، فالإنجاب نداء للطبيعة بين الذكر والأنثى عند الكائن العضوي ، فإن سلمنا " جدلاً " بأن الإنجاب جريمة لدى الإنسان ، هل يمكن إسقاط هذا المفهوم على باقي الكائنات العضوية " النبات والحيوان " فهي تختلف في إسقاطاتها القانونية والمعنوية،كما أسلفت : يمكن أن يوازن الإنسان في إطروحاته - بين النقائض - الفكرة ونقيضها ، مع مراعاة المختلف - الطرف النقيض - عند ذلك يمكن أن يتولّد فكرة جديدة أو أفكار جديدة ترسّخ لفلسفة الحياة وحب المعرفة

-ما تقييمك لوجود تجمعات فكرية وسياسية على الفيس بوك وهل لها القدرة على منافسة الأقنية المرئية على المدى القادم أم إنها تجسيد لتناقضاتها وأجندتها بصورة ما ...؟

في عصر ثورة المعلومات والتقانة ، التي طالت جزئيات حياة البشر ، وظهور مجموعات متخصصة في مجالٍ محدد على الفيسبوك " القارة الزرقاء " في عصر المنافسة والخيارات المفتوحة ، نجد نمواً متغولاً لتلك النشاطات والتجمعات في القارة الزرقاء تلك ، حتى أن الشخص يستطيع أن ينضم لعديدها في الوقت نفسه ويلعب أدواراً تختلف وتخصص تلك المجموعات في عالم الخيارات المفتوحة اللامتناهية ، ولسهولة الحصول على المعلومة وسياسة " الباب المفتوح " فإنها تهدد أو تستطيع أن تهدد عرش ( الوسائل التقليدية ) لكن باعتقادي لا يمكن أن تقضي عليها ، فلكل وسيلة جمهورها ومناصروها تزيد هنا وتنقص هناك " فالنت بتعدد وسائله " أثّر بشكل واضح على " الإعلام المرئي " التلفزيون ، والمسموع " الراديو " والمقروء " الجرائد والكتب " لكن يبقى لهم مناصروها ،والتجمعات الفكرية تبقى الأقل انتشاراً وأعضاءاً ، روادها الأقرب إلى التخصص ، كما أن " الفلسفة والفكر" تعاني في مجتمعاتنا لوقوفها تحت تأثير الصورة النمطية ، وفق مبدأ " من تفلسف فقد تزندّق " السيئ الصيت ، لكن في المجمل تبقى من أدوات الإعلام التي تشق طريقها في عالم ٍ مفتوح الخيارات متعددة الأدوات ، ويبقى للجانب " الترفيهي " في القارة الزرقاء ، وقتل الملل والوقت في عصر " الاغتراب عن الذات "حظه في دخول المنافسة وبقوة في عصر ( الحرية الفردية ) ثّم إن للجانب النفسي للفرد دوره في انتشار منتديات تخصصية بفئات عمرية معينة " الشباب " أي هي زاوية ما تجسّد تلك الثقافة المليئة بالتناقضات مع فارق أن " القارة الزرقاء " وعاء لتفريغ الشحنات النفسية لا أجندة واضحة لها من حيث التوجه ، عكس وسائل الإعلام التقليدية التي تتميز بأجندات وتوجهات محددة ، هو عصر الإعلام " الشعبي" ، عكس نقيضتها إعلام " السلطة " إلى حدٍ بعيد..

-في نهاية الحوار لا يسعني سوى شكرك على إتاحتك لنا الوقت لإقامة نقاش معرفي حر, كلمة أخيرة: تود توجيهها للقراء والقارئات ؟

ينبغي أن يكون القارئ متوازناً مع ذاته ، ويحرر لجام فكره ، ويبتعد ما أمكن من الذاتية " الشخصنة " كل الشكر لأنك أتحت لي هذه الفرصة ، هي رؤى وقناعات.

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

مجلة الفكر الحر

2016