بقلم: الباحث يوسف خالدي
حين أصبحت أباً بولادة ولدي الأكبر خالد ، وكان شقياً يقظاً يصحى من الفجر ويوقظنا جميعاً بإستيقاظه المبكر كان والدي يناديه ( خرودي) Xurodi - Khorody: بعد عودته من صلاة الفجر التي لم تفته يوماً منذ أن وعيت نفسي .
لم نكن نعرف حينذاك وأجزم بأن والدي ولا أحد غيره كان يعرف أصل الكلمة هذه وربما الكثير من الكرد اليوم ،
إلا إني والجميع حينذاك وحتى قبل إطلاعي في أبحاثي على أصل كلمة خرودي الحورية ، كنا نفسرها على أنها تعني الشخص الذي يستيقظ من النوم باكراًحدساً وتخميناً ، وكم وافق الحدس واقع الشيءأحياناً .
لنرى كيف أن أسلافنا السوريين من حوريين وآراميين وكنعانيين كانوا يعرفون هذا المصطلح الحوري ( الخورادو) تماماً كما كان يعرفها الأسلاف في الأناضول ومجمل بلاد الرافدين .
وأحب أن أنوه للجميع :
لست بصدد كتابة أو إعادة صياغة كتابة التاريخ من جديد ، وإنما أميط اللثام عن حياة الأسلاف وأدعهم يتكلمون لكم بأنفسهم إليكم
فلنتابع :
ولتفسير عملية النقل هذه ، يبدو أن هؤلاء الفرسان كانوا جزء من قوات الماريانو ، إذ تقدم لنا سجلات قطنا قوائم بأسماء " 500" مقاتل كانوامكلفين بمهمة حراسة المدينة وأبوابها ، إلى جانب حراسة الملك ضمن مدينة قطنا ، إضافة إلى مهماتهم الأخرى القتالية .
قيامهم بالخورادو " huradu " وهي كلمة حورية إستخدمت بمعنى الحراسة وأمن المدينة والملك ، وتأمين حماية الملك في المدن التي كان يزورها ، ، إلى جانب وظيفتهم القتالية .وهي تعني اليقظة والسهر .
( أسكن أدد نيراري ، الملك هؤلاء الرجال في توكاد ، كونهم رماة سهام على العربات الحربية ...... في بلد آخر لايؤدون خدمة الخورادو" huradu" الحراسة ، ولكن عندما يأتي الملك إلى جبل لبنان يؤدون " هذه " الخدمة ) . ( تم حجب المصادر والمراجع ) .
الماريانو هؤلاء ، كانوا يتولون مهمة حراسة المدينة المزارة ، حينما كان يقوم الملك بزيارة مملكة أخرى .
تقدم لنا قطنا ظاهرة غريبة ، تكررت في عدد من المدن السورية الأخرى، كما في أرض الرافدين ، هي ظاهرة النص اللغوي الخليط ، حيث تم الكشف عن هذا النموذج من الكتابة في نصوص مشابهة ، عثر عليها في مواقع أثرية قديمة أخرى – في إيمار الواقعة على الفرات ضمن الأراضي السورية الحالية ، وفي نوزي وغيرها من المواقع الأثرية ، تتلخص هذه الظاهرة الفريدة ، بدخول عدد كبيرمن الكلمات والمصطلحات الحورية إلى لغة الكتابة الأكادية ، قسم منها يعبر عن منتجات حرفية وما يتعلق بها من مصطلحات ومفردات و منتجات المواد المعدنية ، هذا يعني أن الكتبة في قطنا ، كانوا يعرفون انهم يستخدمون لغتين معاً ، في كتابة نص واحد ، وهي الحوررية والأكادية جنباً إلى جنب ، دون أي إرتباك ، أو حتى صعوبة في إستخدادم هذه الطريقة الغريبة ، والتي إن دلت على شيء ، فأنها تعكس حقيقة الحياة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والثقافية للمجتمع في مملكة قطنا ، وعن التعدد العرقي فيها ، فالنص المكتوب ياللغة الأكادية ، وحينما كانت تكتب كلمة ، أو عبارة حورية ، يضعون أمامها إشارة ، على أنها حورية .
لم يتبين للباحثين وللدارسين لتلك النصوص ، وجود أخطاء إرتكبها الكتاب ، وهذا يدل ، على أن الكتبة كانوا على دراية كبيرة باللغتين الحورية والأكادية ، إلا في حالات قليلة حينما تكون الجملة الأكادية طويلة . إضافة إلى إحتواء تلك النصوص على شروح تفسيرية للكلمات الأكادية باللغة الحورية (تم حجب المادر والمراجع)
كأننا هنا أمام أول تجربة خطتها شعوب سوريا القديمة بإتجاه الدولة المتعددة الأعراق ـ تستعمل في دواوينها أكثر من لغة ، بواسطة كتاب يتقنون أكثر من لغة .
في النص المرقم ( ARM V 17 ) من رسائل ماري الملكية ، نجد رسالة من ملك قطنا إيشخي – أدد إلى حاكم ماري يسماع – أدد يعبر فيها عن مخاوفه من الأخبار التي تناهت إليه ، عن تحالف " سومو – إيبوخ " ملك يمحاض مع ملوك حوريين ومنهم ( " نوزو " و" مامو – كاتيشا" ) ، (نحن نعلم من رسالة .... أن أكثر من (20) ملكاً كانوا تابعين لمملكة يمخاض ) ويطلب منه المشورة قائلاً :
سواء أكان كلام
سوموإيبوخ وتهديده صادقاً
أو مجرد كلام فأسرع
وإكتب إلي رأيك
ليت قلبي يعلم رأيك
ليت أذني تصغيان إليه .
نجد رسالة أخرى بين رسائل ماري ، هي جواب من شمسي – أدد إلى إبنه حاكم ماري ، يطالبه فيها أن يكتب إلى ملك قطنا التالي :
لقد إجتمعت فيما مضى
مع حاكم خاشوم
وحاكم أورشوم
وحاكم كركميش
هكذا قلت لهم : سوف أدقق في كلام سومو- إيبوخ
إذا حشد قواته ، دعونا نواجه
لقد أعلنوا أمامي
إنهاء علاقاتهم مع سومو إيبوخ