بقلم: زينب قنبر
خاص: مجلة "الفكر الحر" العدد الأول 15 نيسان 2020
تعتبر المراة المستعمرة الاولى في التاريخ، كونها الخلية الإجتماعية الأولى التي تعرضت للاستبداد ، والعبودية ، في تاريخ المجتمع الإنساني . متناسين ان المجتمعات الاولى تكونت حول المراة ، وكانت المراة مضطرة للتفكير بشكل دائم ، والإبداع بشكل أكثر لتستطيع القيام بمسؤوليتها كأم في حماية الأطفال والمجتمع ، وهذا ماجعلها تعيش بتوازنٍ في ذكائها العاطفي والتحليلي لاستمرار الحياة .
أن أعظم الثورات التكنولوجية والعلمية كانت من إنجازات المرأة ، كونها اكتشفت مايخدم المجتمع .
فالمراة هي من وضعت القواعد الأخلاقية الأولى لحماية المجتمع حيث جعلت كل العلوم تُستخدم لأجل الإنسان . ولأن الحياة كانت مقدسة ، فإن جميع انواع العلوم والأخلاق كانت مكرسة لاستمرارية الحياة ، وصفة القدسية تُعطى لمن يهتم بالعلم ، ولهذا كانت المرأة مقدسة كونها مصدر قوة المعرفة والإبداع في المجتمع الطبيعي .
مقارنةً بين المجتمع الطبيعي ، والمدنية ، والسلطة ، والذهنية الذكورية ، وصولاً للهيمنة الرأسمالية ، أدى لتهميش دور المراة في كل نواحي الحياة ، وتحقير ماهو عائد للمراة ، بجعله مُضراً ومُعيباً ، وتحويل ماهو عائد للرجل إلى بطولة واعتزاز .
وعلى مر الزمن ترسخت العبودية والطبقية والإحتكار ، مما أدى إلى فقر في الحياة ، وابتعاد العلم عن خدمة الإنسان ، وهذا ادى إلى انقطاع الذكاء العاطفي عن الذكاء التحليلي ، وبالتالي ابتعد الإنسان عن الأخلاق المجتمعية ، وكان هذا منعطفاً نحو التغيير في الحياة ، حيث بدأت الحروب بالظهور ، ونجم عنها الظلم والاضطهاد ، وهي الثورة المضادة المتحققة في مجتمع المدنية ، على تحول عقلي اكثر تجذراً في الحياة .
من هنا فقد العلم والمعرفة قدسيتهما كونهما فقدتا الخاصية الاساسية لهما، وهي تحرير الإنسان ، من كل مايكبل إرادته ، كونه انقطع عن أخلاق الحرية والضمير الجماعي للمجتمع الذي الذي تلقى حصته من المعاناة ، من ازمة الرأسمالية .
لذلك إن اردنا إعادة المجتمعات لشكلها الطبيعي ، والحد من الأزمات ، علينا تسليط الضوء على قضية المراة ، وتعريفها أنها اشمل من الرجل جسدياً واجتماعياً ، وذلك من خلال دورها في الحياة .
وبدون معرفة طبيعة العلاقة ، بين المراة والرجل ، وأستيعابها ، وتحليلها ، لايمكن أن نتوصل للحلول الممكنة والجذرية للعلاقات الإجتماعية ، التي ترتقي بالمجتمعات نحو الحرية والأخلاق .
لذا علينا بدايةً ، ان نتعرف على شكل مؤسسة الزواج ، المفروضة على المرأة ، وكيفية تأسيسها في المجتمع الهرمي ، أي مجتمع المدنية ، الذي أنشأ اول حاكمية للرجل متعددة الجوانب ، هذه المؤسسة هي القاعدة الأساسية ، وحجر الزاوية ، لبناء مؤسسة العبودية والتبعية ، الخاصة بالمجتمع البشري ، الذي تجاوز ماشهده أي كائن في الطبيعة على مر العصور .
ومؤسسة الزواج في نظام عبودي ، كان البداية للتمايز المجتمعي والطبقي والقومي ، بين الساحق والمسحوق على هذه الأرضية دوماً . وبها تحولت الأم الآلهة في سيسيولوجيا الحداثة ، لشخصية أكثر طاعةً و خضوعاً ضمن المجتمع .
وكفاح الحرية والعدالة و المساواة إزاء العبودية ، هو الضامن الأساسي للمكاسب ، أمام العبودية والاستغلال ، في جميع الميادين الاجتماعية . وهذا بدوره يحتاج لفهمٍ كافٍ لذهنيات العبودية و مؤسساتها ، التي رُسِمَتْ من خلالها ملامح حياة المرأة و بنائها ، ومع الزمن نرى أن الهيمنة التي يُسلطها الرجل المسيطر على حياة المرأة ، آلت بكوكبنا إلي حالةٍ لا تُطاق العيش فيها ، مما يتوجب ضرورة إنقاذ الحياة مع المرأة من ظاهرة الذكورة و سلطته المهيمنة ، لأن الحياة مع المرأة في كنف هذا الوضع يُنبئ بنهاية الحياة . فآلة الانجاب أدت لتزايد سكاني يهدد الكائنات الحية الآخرى . كما أصبح العنف في أوجه ، والحروب التي نعيشها إثباتٌ على صحة هذه الحقيقة . حتى الجنس أصبح أداة استغلال مروعة لدرجة تحولهِ لشذوذٍ جنسي . وبالتالي تتخبط المرأة بين مخالبِ حياةٍ بلا معنى ، يدفعها لحياة بلا معنى ، و ينعكس هذا على المجتمع الذي يبقى بدوره بلا معنى . وبناء على ذلك ، ولأجل العيش بمستوى الشراكة الحرة مع المرأة ، فهناك حاجة لحياة ندية ايكولوجية ، تحتاج لكفاح ذهني و مؤسساتي على صعيد الشراكة الندية الحرة ، حيث لم تعد المرأة أداة لاستمرار النسل ، ولا عاملة للمنزل بلا أجر ، بل تستطيع اثبات ذاتها على كافة الأصعدة . يتحقق فيها العشق المجتمعي ، متحدياً السرطان القاتل للسلطة المهيمنة و العصرية .
أول خطوة تخطوها في المجتمع البشري بأسم الحياة ، يجب أن تتعلق بالحياة الندية ، و تسخير الدولة و الدين والاقتصاد في خدمة الحياة الندية .
و على الرجل أن يعلم أن المرأة تعرضت لشتى أنواع العنف و العبودية طيلة تاريخ المدنية منذ ( 5000) سنة ، والحياة الندية لا تعاش بعبودية . فنضال الرجل الحر ضروري بقدر نضال المرأة الحرة ، لترسيخ حياة شراكة ندية حرة في وجه كل المساوئ ، لأنها الحياة التي تُعبر عن الجمال و الصواب ، و الفضيلة والأخلاق ، بالنسبة للأفراد و المجتمع .
لذا فالعمل على تحقيق الحياة الندية الحرة ، بين الجنسين ، هو نظام فكري واجتماعي ، لحل قضايا المراة والمجتمع.
فالحياة الندية ترفض مفهوم التملك ، وتُقيم الحرية الاجتماعية بين الجنسين ، على اساس العدالة والمساواة ، وهذا يخلق إرادة حرة ومتكافئة بينهما . وهكذا تتحقق الحياة الندية الحرة التي تليق بالإنسان.
فالحياة الندية ترفض مفهوم التملك، وتُقيم الحرية الاجتماعية بين الجنسين ، على اساس العدالة والمساواة ، وهذا يخلق إرادة حرة ومتكافئة بينهما . وهكذا تتحقق الحياة الندية الحرة التي تليق بالإنسان.
إرسال تعليق