مجلة الفكر الحر مجلة الفكر الحر
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

تمثيل الأرض والشرعية: مفتاح قوة الوفد الكوردي في مفاوضات ما بعد الأسد

بقلم: بوزان كرعو
في ظل التطورات الراهنة والفرصة التاريخية التي يبدو أنها تلوح في الأفق للكورد في الجزء الكوردستاني الملحق بالدولة السورية ، يتزايد الحديث عن تشكيل وفد كوردي يتوجه إلى دمشق لبحث المطالب الكوردية مع القيادة السياسية المفترضة ، التي قد برزت بعد هروب النظام الحالي.
تأتي هذه النقاشات مدفوعة بترشيحات ونقاشات النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي لأسماء أكاديمية وسياسية بارزة ، لكن يجب التوقف هنا للتفكير بعمق حول معايير تشكيل مثل هذا الوفد وأدواره المحتملة.

الاختلاف بين الحوار الأكاديمي والمفاوضات السياسية

في البداية ، يجب التأكيد على أن الانخراط في عملية تفاوض سياسي يختلف تمامًا عن المشاركة في حوارات فكرية أو أكاديمية او برامج تلفزيونية و خطابات رنانة ، فالمفاوضات السياسية تتطلب مجموعة من المهارات والمقومات التي قد لا تتوفر بالضرورة لدى الأكاديميين أو المثقفين ، رغم مكانتهم الفكرية العالية ، من هذه المقومات:
1. تمثيل جهة فعالة على الأرض
لا يمكن للوفد أن يكون مجرد مجموعة من الشخصيات الفكرية أو الثقافية المنفصلة عن الواقع الميداني ، بل يجب أن يضم ممثلين عن جهات سياسية أو عسكرية لديها قوة ونفوذ على الأرض ، مع مؤسسات قادرة على تنفيذ الاتفاقيات المحتملة ، دون ذلك، سيفتقد الوفد إلى الشرعية والتنفيذية.
2. الكاريزما والشخصية التفاوضية
شخصية المفاوض ليست مجرد انعكاس للمعرفة أو الثقافة ، بل تتطلب كاريزما قادرة على فرض الحضور ، وذكاءً تكتيكيًا في إدارة النقاشات ، والقدرة على التعامل مع الضغوط والمراوغات السياسية.
3. توحيد الرؤية والهدف
قبل التوجه إلى طاولة المفاوضات ، يجب أن يتفق الوفد على رؤية موحدة تمثل الطموحات الكوردية في هذه المرحلة التاريخية ، أي خلاف داخلي قد يُضعف الموقف أمام الطرف الآخر.

أهمية التمثيل السياسي والعسكري

وجود قوات عسكرية أو جهات سياسية ذات نفوذ يدعم الوفد المفاوض يمثل عاملًا حاسمًا في نجاح المفاوضات ، لان الطرف الآخر ، مهما كان ، سيضع في اعتباره الجهة التي تملك السيطرة الفعلية على الأرض وقدرتها على فرض الالتزامات التي يتم التوصل إليها في الاتفاق.

مقترحات لصياغة وفد تفاوضي فعال

1. تنوع التمثيل
يجب أن يضم الوفد شخصيات متنوعة تشمل ممثلين عن الفصائل السياسية والعسكرية ، إضافة إلى شخصيات أكاديمية واستشارية تعمل كداعم تقني واستراتيجي.
2. تعزيز الشرعية
الشرعية الدولية والإقليمية تلعب دورًا كبيرًا ، لذلك من الضروري أن يتواصل الكورد مع الأطراف الدولية المؤثرة للحصول على دعمهم ، ما يضيف وزنًا للوفد التفاوضي.
3. تحديد المطالب بوضوح
الدخول في المفاوضات يجب أن يكون على أساس ورقة مطالب واضحة ، تمثل حقوق الشعب الكوردي وتطلعاته ، مع وضع سيناريوهات مرنة لتحقيق الأهداف حسب التطورات.

ختامًا

إن تشكيل وفد كوردي تفاوضي يتطلب فهمًا عميقًا للمعطيات السياسية والميدانية. ليس الهدف هنا التقليل من شأن الشخصيات الأكاديمية المقترحة ، بل التأكيد على أن المفاوضات السياسية تحتاج إلى مواصفات خاصة تتجاوز المعرفة النظرية لتشمل الكاريزما التفاوضية ، النفوذ العملي ، والدعم الدولي. هذه فرصة تاريخية يجب التعامل معها بعناية فائقة لضمان تحقيق المكاسب المرجوة للشعب الكوردي.

- كاتب وناشط سياسي كوردي

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

مجلة الفكر الحر

2025