شانا قاسم/ خاص: مجلة "الفكر الحر"الإلكترونية
صدرت حديثًا رواية "العودة إلى هليليكي"، التي تعد عملًا أدبيًا مميزًا ينسج خيوط السياسة والقانون والمجتمع في إطار سردي مؤثر يعالج قضايا إنسانية حساسة. تسلط الرواية الضوء على معاناة المرأة السورية، القضية الكردية، وإهمال الدستور والقانون السوري لحقوق الكرد، إلى جانب قضايا التهميش وإخفاء الهوية.
محاور الرواية وأحداثها
تتكون الرواية من أربعة عشر جزءًا، وتدور أحداثها بين مدينة دمشق وحي هليليلكي في مدينة القامشلي الكردية شمال سوريا. تحكي الرواية قصة بطلتها، فتاة يتيمة تنتمي إلى مجتمع كردي فقير، تكافح لتحقيق أحلامها رغم الظروف القاسية. تبدأ البطلة رحلتها بالنجاح في الثانوية العامة، ثم تنتقل إلى دمشق لدراسة الحقوق في الجامعة. خلال فترة دراستها التي استمرت أربع سنوات في السكن الجامعي، أظهرت البطلة اجتهادًا كبيرًا وتفوقًا دراسيًا ملحوظًا، إلى جانب دورها البارز في مساعدة زميلاتها في السكن الجامعي.
تتناول الرواية من خلال شخصياتها المتعددة الإشكاليات القانونية والاجتماعية التي تعيق تطور المرأة السورية، مع تسليط الضوء على الفروق الكبيرة بين واقع المدن الكردية المهملة والمدن السورية الأخرى. كما تطرح الرواية موضوعات حساسة تتعلق بالظلم الذي تعرض له الكرد، مثل القمع، التهميش، وتجريدهم من الجنسية، عبر تسلسل الأحداث بشكل مؤثر.
الغرفة 196: نموذج للتعايش
تأخذ الغرفة رقم 196 في السكن الجامعي مكانة محورية في الرواية، حيث تمثل نموذجًا مصغرًا للمجتمع السوري بتعدد طوائفه وقومياته. تضم الغرفة فتيات من مختلف الخلفيات الثقافية والدينية، ويعكس تواجدهن معًا إمكانية التعايش والسلام رغم التحديات. لكن الرواية تسلط الضوء أيضًا على التوترات والظلم الذي وقع على الكرد كجزء من المأساة الجماعية.
النهاية المؤلمة والرسالة الإنسانية
تصل الرواية إلى ذروتها مع أحداث انتفاضة عام 2004، حيث تُسجن البطلة وتُعذب وتُعتدى عليها حتى تفقد عقلها، مما يجعلها رمزًا حيًا لمعاناة القضية الكردية. في نهاية المطاف، يتم إطلاق سراحها وإعادتها إلى حيها القديم هليليلكي، حيث تصبح شخصيتها انعكاسًا للقضية الكردية التي تعرضت للتنكيل والقمع.
أهمية الرواية
"العودة إلى هليليكي" ليست مجرد عمل أدبي، بل هي شهادة حية على واقع معقد يعاني منه المجتمع السوري بكل تنوعه. تجمع الرواية بين السرد الدرامي العاطفي والتحليل الاجتماعي والسياسي، لتكون صوتًا للمهمشين والمقموعين، ودعوة للتعايش والعدالة الاجتماعية.
إرسال تعليق